صُدم العالم العلمي باكتشاف تابوت غامض ظلّ مغلقًا لمدة 800 مليون سنة في أحضان سيبيريا الباردة والنائية. هذا الاكتشاف، الذي يجمع بين تاريخ البشرية وتقدمها التكنولوجي، يَعِد بكشف أسرار الأرض، وربما أصل الحياة.
اكتشف فريق من علماء الآثار والجيولوجيين التابوت في قلب التربة الصقيعية السيبيرية، وهي منطقة تتميز بحفظ مثالي لبقايا التربة نظرًا لانخفاض درجات حرارتها الشديد. ووفقًا للتقارير الأولية، اكتُشف التابوت خلال بعثة استكشافية ركزت على دراسة التكوينات الجيولوجية. وقد جذب هيكل التابوت، المدفون على عمق يزيد عن 20 مترًا، اهتمام العلماء على الفور نظرًا لشكله وتركيبه الفريدين.
منذ اللحظة التي اكتشفناها فيها، عرفنا أنها عادية. شكلها المتماثل والمادة المستخدمة لا يتطابقان مع بنية الخلية، كما قال الدكتور أليكسي إيفابوف، رئيس فريق البحث.
نظرًا لعمر وهشاشة الجسم، كان فتحه دون إتلافه أمرًا ضروريًا بعناية. استخدم فريق متعدد التخصصات من العلماء ذوي الخبرة العالمية أدوات عالية التقنية، بما في ذلك أشعة الليزر الدقيقة وأجهزة المسح ثلاثية الأبعاد، لدراسة وإعداد التابوت قبل فتحه.
أخيرًا، بعد أشهر من التحضير، حانت اللحظة. اجتمع فريق الخبراء، برفقة نخبة من الصحفيين والمؤرخين، في مختبر متخصص ليشهدوا على هذا الحدث التاريخي. وبينما كان العالم يتابع الحدث عبر البث المباشر، رفع العلماء غطاء التابوت بعناية.
بجانب التابوت، اكتشف الباحثون شيئًا لم يكن متوقعًا تمامًا: سائل كهرماني ظل مغلقًا بإحكام. طاف في أعلى السائل هيكل يشبه كائنًا حيويًا من العصر الطباشيري. على الرغم من أن التحليلات الأولية لا تزال أولية، يعتقد العلماء أنه قد يكون شكلًا متحجرًا للحياة وُجد قبل ظهور أشكال الحياة من العصر الطباشيري على الأرض.
وصف الدكتور إيفابوف هذا الاكتشاف بأنه “الجزء المفقود من لغز تاريخنا البيولوجي”. وأضاف أن هذا السائل قد يحمل أدلة على وجود كائنات حية معقدة على الكوكب منذ مئات الملايين من السنين، قبل ظهور أول أشكال الحياة المعقدة.
يثير اكتشاف التابوت تساؤلاتٍ جوهرية حول تاريخه. فإذا كانت الكائنات الحية فيه تُمثل بالفعل شكلاً من أشكال الحياة، فقد يُحدث ذلك ثورةً في فهمنا لعلم الأحياء والتطور. وقد أثار بعض الخبراء احتمال أن يكون التابوت دليلاً على وجود حياة خارج كوكب الأرض.
قالت الدكتورة إليبا موروزوفا، الخبيرة في علم الحفريات الجزيئية: “إن بقاء شيء ما بهذه الدرجة من الحفظ التام دليل على قوة التربة الصقيعية كنظام تخزين طبيعي”. وأضافت: “لدينا الفرصة لدراسة جزء من التاريخ قد يُغير نظرتنا لأصل الحياة على الأرض”.
لفتت بقايا التابوت انتباه ملايين الأشخاص حول العالم. وتعجّ وسائل التواصل الاجتماعي بالنظريات، من أكثرها علمية إلى أكثرها ارتباطًا بنظريات المؤامرة. وبينما يعتقد البعض أن هذا الاكتشاف قد يحمل مفاتيح مكافحة الأمراض الحديثة أو مواجهة التغيرات المناخية السابقة، يرى آخرون أن التابوت قد يكون مرتبطًا بحضارات متقدمة.
أعربت الحكومات أيضًا عن اهتمامها بهذا الاكتشاف. وقدمت المنظمات غير الحكومية، مثل اليونسكو، دعمًا لوجستيًا لضمان الحفاظ على الاكتشاف ودراسته وفقًا لأعلى المعايير.
أفاد فريق البحث بأن تحليل هياكل التابوت سيستغرق سنوات. وقد نُقلت عينات من السائل والأعضاء إلى مختبرات في أنحاء مختلفة من العالم لإجراء دراسات مفصلة. ومن المتوقع نشر النتائج الأولية في الدوريات العلمية خلال الأشهر الستة المقبلة.
في الوقت نفسه، شدّد العلماء على ضرورة التعامل مع هذه النتائج بحذر. واختتم الدكتور إيفابوف قائلاً: “نحن أمام اكتشاف قد يُعيد كتابة التاريخ. لا يُمكننا التسرع في الاستنتاجات دون إجراء تحليل شامل أولًا”.
يُمثل اكتشاف هذا التابوت، الذي يعود تاريخه إلى 800 مليون عام في سيبيريا، لحظة تاريخية في تاريخ العلم والإنسان. لا يفتح هذا الاكتشاف سوى نافذة على ماضينا المظلم، ولكنه يثير أيضًا تساؤلات حول وجودنا ومكاننا في الكون. في السنوات القادمة، سيتابع العالم عن كثب تقدم هذا البحث العلمي.